لقاء ومصافحة نادرة بين مسؤول ملف دارفور في الحكومة وزعيم «العدل والمساواة»

ساد التكتم الشديد أمس في فندق «شيراتون الدوحة»، حيث تجري مفاوضات مباشرة وغير مباشرة بين الحكومة السودانية وحركة «العدل والمساواة» المسلحة في إقليم دارفور، من أجل التوصل إلى اتفاق إطاري يمهد السبيل لمفاوضات مطولة لإنهاء الأزمة في الإقليم.
ووصل الدوحة أمس زعيم حركة العدل والمساواة خليل إبراهيم قادما من القاهرة، ما أعطى جرعة تفاؤل إضافية للأجواء السائدة في العاصمة القطرية بإمكانية تقدم المفاوضات بين الطرفين. ووصل خليل إلى الدوحة وهو يرتدي الزي العسكري.

وقالت مصادر مطلعة في الدوحة لـ«الشرق الأوسط»، إن «وصول خليل بعد انتظار وترقب طوال اليومين الماضيين، فك جمودا صاحب المفاوضات لساعات». وكشفت المصادر عن مصافحة نادرة أمس تمت بين مساعد الرئيس السوداني نافع علي نافع، ورئيس وفد الحكومة في المفاوضات، لأول مرة منذ اندلاع الحرب في دارفور في عام 2003، وذلك في أثناء لقاء مغلق جرى بينهما في إحدى قاعات الفندق، حضره رئيس الوزراء القطري حمد بن جبر، والوسيطان القطري أحمد آل محمود والأممي الإفريقي جبريل باسولي.

وقالت المصادر إن الرجلين أبديا استعدادهما في اللقاء لإنهاء الأزمة في دارفور عبر الحوار، فيما دعا رئيس الوزراء القطري الطرفين في اللقاء المغلق إلى ضرورة المضي في اتجاه حل المشكلة بعيدا عن تدويل القضية. ومُنع الصحافيون من الاقتراب من مكان اللقاء، وكشفت المصادر عن اجتماع لاحق عُقد عصر أمس، بين نافع وإبراهيم، بحضور اثنين من كل من وفدَي الطرفين. ولم يُدلِ الطرفان بأي تصريحات حول الموضوع. وقالت المصادر إن الوسطاء ما زالوا عند رأيهم في أن تتواصل المفاوضات بشكل مفتوح، إلى حين التوصل إلى الاتفاق الإطاري المقترح للجولة.

وفي تصريح مقتضب، عبّر الوسيط باسولي عن تفاؤله بأن تتوج هذه الجولة من المحادثات باتفاق إطار يوقعه الجانبان حول القضايا التي يتم الاتفاق عليها. وفي وقت سابق، كان مسؤول ملف دارفور في الحكومة السودانية نافع علي نافع، كان قد أعرب عن أسفه لغياب عبد الواحد محمد نور، ودعاه للحاق بالمفاوضات.

وحول حديث عبد الواحد عن مصالحة بين الإسلاميين في مفاوضات الدوحة، قال نافع إن عبد الواحد يحاول البحث عن عذر جديد، ونبه إلى إن الإسلام في السودان ليس شيئا مستحدثا، ولا يحتاج إلى اعتراف من عبد الواحد، لأن غالبية أهل السودان مسلمون. ورفض نافع الدخول في تفاصيل المواقف التفاوضية، وقال: «نحن متفقون مع الوسطاء وإخواننا في (العدل والمساواة)، على أن تكون الجولة التفاوضية للاتفاق على إطار للتفاوض وليس التفاصيل».

وفي الخرطوم، قال حزب المؤتمر الوطني، إن الإفراج عن المسجونين المحكومين بأحكام تتعلق بأحداث هجوم حركة «العدل والمساواة» على مدينة أم درمان في مايو (أيار) من العام الماضي، ومن بينهم عبد العزيز عشر، الأخ غير الشقيق للدكتور خليل إبراهيم، مرهون بتقدم مفاوضات الدوحة. وأعلن المسؤول السياسي بحزب المؤتمر الوطني محمد مندور المهدي في تصريحات صحافية، أن هذا الأمر سيناقَش في أوانه، مشيرا إلى إن المباحثات الآن في إطار حول اتفاق إطاري يشمل بعض القضايا، ومنها وقف إطلاق النار والعدائيات وحديث عام حول قسمة الثروة والسلطة.

وقال: "كلما تقدمت المفاوضات كلما توصل المجتمعون لحلول حول كثير من القضايا"، وأضاف: «لذلك من الطبيعي جدا مناقشة قضية المعتقلين وإطلاق سراحهم». ورأى أن الوقت الحالي غير مناسب لمناقشة هذه القضية، واستبعد أن يقود زعيم حركة العدل والمساواة خليل إبراهيم، المفاوضات خلال هذه المرحلة.

وفي هذا الوقت، لوّح كبير مساعدي الرئيس، زعيم «حركة تحرير السودان» مني أركو مناوي، الرافض لمفاوضات الدوحة، بخيارات عديدة، منها ابتدار حوار مع الحركات التي قاطعت لقاء الدوحة، بين الحكومة وحركة «العدل والمساواة». وأكد أن هجوم «العدل والمساواة» على منطقة مهاجرية في دارفور، ثم دخول الجيش للمنطقة فيما بعد، وحدت الحركات ميدانيا وأصبحت في خندق واحد. وأضاف مناوي، الذي كان يتحدث في لقاء تنويري مع قيادات حركته، أن من ضمن الخيارات التي سيشرع فيها تقديم، مبادرة سياسية شاملة تضم كل الحركات، والحوار مع مكونات دارفور. وحذّر من أن لقاء الدوحة يعد بمثابة وأد لقضية دارفور والعودة إلى «المشروع الحضاري».